وهذه الآية هي أحد السيوف التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه قد بعث بعدة سيوف.
السيف الأول: سيف على المشركين حتى يسلموا أو يقتلوا، والدليل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس -أي: المشركين- حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)، فهذا السيف الأول سيف على المشركين حتى يسلموا، ودليله الأوضح من القرآن الكريم آية السيف قال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:5].
السيف الثاني: سيف على أهل الكتاب حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ودليله أيضاً في سورة براءة.
السيف الثالث: سيف على أهل الإسلام، والمقصود بهم البغاة من أهل القبلة، وهم الفئة الممتنعة ذات القوة والعدد الذي تخرج بتأويل سائغ، وهذا النوع من السيوف لم يعمل به في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما كان أول من علم الأمة فقه قتال البغاة هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وحتى إذا قلنا: إن المقصود بالقتال الخصام على أساس القول المجازي في اللغة، فيمكن أن يحمل على أن الخصام يفضي إلى القتال أو إلى القتل، فلا مانع من أن يراد بالآية ما هو أعم لتكون الفائدة أشمل.