قال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178]، (كتب) أي: فرض (عليكم القصاص) القصاص مأخوذ من التتبع، اقتص الأثر يعني: تتبعه، أو من القطع؛ لأن الذي يقتص من الجاني يقطع منه مثلما قطع من المجني عليه، أو من المساواة والمعادلة، فأصل معنى القصاص العدل والتساوي والمساواة.
((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ)) أي: فرض عليكم المماثلة، ((فِي الْقَتْلَى)) يعني: المساواة في القتلى، والمراد في وصف القتلى، يعني: من حيث الحرية والإسلام وغير ذلك.
إذاً: القصاص في القتلى بمعنى المماثلة، والسؤال الذي نريد أن نطرحه الآن: ما وجوه العدل والمساواة عند القصاص؟ في الوصف وفي الفعل، في الوصف يعني: لا يقتل الحر بالعبد، بل كما قال الله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة:178]، وكذا المماثلة في الإسلام، فلا يقتل مسلم بكافر.
وتجب المماثلة بالفعل بأن يقتل القاتل بمثل ما قتل، فيقتص منه بنفس الطريقة التي قتل بها ذلك المقتول.
(والأنثى بالأنثى) وكذلك جاءت السنة بأن الذكر يقتل بها، فقد (أمر النبي صلى الله عليه وسلم برض -أي: بدق- رأس يهودي بين حجرين لرضه رأس جارية) رواه الشيخان.
كذلك تعتبر المماثلة في الدين، فلا يقتل مسلم ولو عبداً بكافر، ولو حراً؛ لماذا؟ لأن للإسلام التميز، والإسلام كمال، والكفر نقص، فلا يسوى بينهما، فلا يقتل المسلم ولو عبداً بكافر ولو كان حراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر) رواه البخاري.