قوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ)).
أي: بل تعمدوا في مخاطبته القول اللين القريب من الهمس الذي يضاد الجهر، كما تكون مخاطبة المهيب المعظم.
وروي عن مجاهد تفسيره بندائه، يعني: لا تنادوه كما ينادي بعضكم بعضاً: يا محمد! يا محمد! بل تنادوه: يا نبي الله! يا رسول الله! وقد قال تبارك وتعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور:63].
((أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ)) يعني: مخافة أن تحبط أعمالكم لرفع صوتكم فوق صوته، وجهركم له بالقول كجهركم لبعضكم.
((وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)) أي: لا تعلمون ولا تدرون بحبوطها.
استدلت المعتزلة بالآية على أن الكبائر محبطة للأعمال لأن المذكور في الآية كبيرة محبطة، ولا فرق بينها وبين غيرها، وعمموا الأمر فقالوا: ما دام أن هذه كبيرة محبطة فكل كبيرة محبطة.
ولما كان المحبط للأعمال عند أهل السنة هو الكفر خاصة، تأول علماء أهل السنة هذه الآية بأنها للتغليظ والتخويف، إذ جعلت بمنزلة الكفر المحبط، أو هي للتعريض للمنافقين القاصدين بالجهر والرفع الاستهانة، فإن فعلهم محبط قطعاً لأنه يقصد به الاستهانة بمقامه الشريف، فهي ليست في حق المؤمنين إلا إن قلنا: إنها للتغليظ والتخويف، كوصف المعاصي مثلاً بالكفر.
وقال الناصر: المراد في الآية النهي عن رفع الصوت على الإطلاق، ومعلوم أن حكمة النهي الحذر مما يتوقع في ذلك من إيذاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فهذا هو حكم الله في التحذير من أن يقع إيذاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.