قوله عز وجل: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) قوله هنا: (والذين معه) يعني: جميعهم، فجميعهم (أشداء على الكفار رحماء بينهم)؛ لأن وصف الشدة والرحمة وجد في جميعهم، أما في المؤمنين فكما في قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54]، وأما في حق النبي عليه الصلاة والسلام فكما في قوله: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73]، في حين قال عنه في حق المؤمنين: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن الطرق التي تستطيع أن تميز بها مذهب مؤلف كتاب، وأردت أن تعرف هل هو شيعي أو غير شيعي، فانظر في المقدمة، هل ترضى عن الصحابة أم لا، تجد الشيعة لا يترضون عنهم، وبعضهم لا يعمل مقدمة، بل يدخل في موضوعه مباشرة تجنباً لذكر الصحابة حتى لا يترضى عنهم، وإما أن يترضى على آل البيت فقط، وأهل السنة في مقدمة الكتب يقولون: ورضي الله عن أصحابه أجمعين، لماذا؟ حتى لا يظن أحد أنه ترضى عن بعض أصحابه، فنجد علماء السنة في المقدمات يقولون: ورضي الله عن أصحابه أجمعين، ومنهم من يزيد ويقول: ورضي الله عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والمهاجرين والأنصار، فهذا كله من أجل ما زرعه الشيعة -قبحهم الله- من الأحقاد والسباب للصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
روي عن الحسن أنه قد بلغ من شدتهم على الكفار أنهم كانوا يتحرجون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم، ومن أبدانهم أن تمس أبدانهم، وبلغ من ترحمهم فيما بينهم أنه كان لا يرى مؤمن مؤمناً إلا صافحه وعانقة، والمصافحة لم يختلف فيها الفقهاء، لكن المعانقة تشرع عند القفول من السفر، قال بعض المفسرين: وينبغي التأسي بهم رضي الله تعالى عنهم في التشدد على أعداء الله، والرحمة على المؤمنين.
وعن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: (من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا).
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي).
ولا بأس بالبر والإحسان إلى عدو الدين إذا تضمن ذلك مصلحة شرعية، كما أفاد ذلك ابن حجر في فتاويه الحديثية فلتراجع.