كذلك فيما يتعلق بحادثة السحر هل هي تنال من العصمة؟ موضوع السحر للنبي عليه الصلاة والسلام قطعاً لم يمس قضية تبليغ الرسالة من قريب ولا من بعيد على الإطلاق، وسنبين إن شاء الله تعالى أن هناك أشياء لا يعصم منها الأنبياء، فالأنبياء يمكن أن يشكوا من مرض، بل إن النبي عليه السلام كان يمرض مرضاً شديداً وقال: (إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم)، وقال (إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء، كما يضاعف لنا الأجر).
فعلى أي الأحول: كما ترون هذه الآيات التي استدل بها بعض الذين ينفون عصمة الأنبياء أو ينسبون الذنوب حقيقة إلى الأنبياء، وكلها أجاب عنها العلماء بما ترون، فموضوع التجرؤ على مثل هذا فيه اعتداء على جناب النبي عليه السلام، وهو من هو عند الله سبحانه وتعالى، وعند ملائكته، وعند المؤمنين كما فصلنا ذلك، فعملية القدح في الأنبياء عن طريق القدح في صفاتهم هذا من قبل الكائدين لهذا الدين.
وبعض الناس يندفعون في الحكم على أشياء توصف بأنها إسلامية، كما حصل منذ أسبوعين في جريدة الشعب، ففيها عنوان لمكان معين في الإنترنت، هذا الموقع يمدح بأنه موقع إسلامي، وفيه كثير من الموضوعات يتكلم عن النبوة، وعن وعن موقع لا يوجد مثله، ويمدح الكاتب فيه مدحاً عظيماً جداً جداً بنحو هذا الكلام، واكتفى فقط بذكر العناوين: النبوات، القرآن، الملائكة، الشهادة، الصلاة، الزكاة، صلاة الجماعة، الأسرة، هذه عناوين كلها عن مكتبة إسلامية رائعة، وذكر أنها بشتى اللغات بما فيها الصينية والماليزية وغيرها، فما بالك باللغات الأكثر شيوعاً، مع أن صاحب هذا الموقع هو رشاد خليفة مسيلمة مدينة توكسان في ولاية أرزونا في أمريكا قرب المكسيك، وهذا الرجل رشاد خليفة مصري خريج كلية الزراعة من القاهرة، وقد ادعى النبوة! وقد سلك مسلك التدرج في هذا الأمر، ففي أول الأمر ظهر على المسلمين بحكاية معجزة الرقم: (19)، وكالعادة نحن نغفل عن أصول هذه الأشياء، فمثلاً يوم (21) مارس هذه عيد من أعياد البهائية، فيعملون فيه عيد الأم ليشاركوا احتفال البهائيين بعيد مقدس عندهم! فرقم (19) الذي دوى في الدنيا كلها، هو قام بنوع من الدجل، فقد شغل الكمبيوتر ليعطيه بيانات، ويعمل عمليات معينة، فلو أعطيت مثلاً رقم (13) فسيخرج لك علاقات مبنية على رقم (13)، ورقم (19) مقدس جداً عند البهائيين، ودينهم يدور عليه، فالشاهد أن هذا الرجل يهدم دعوة الإسلام هدماً لا يستطيعه اليهود ولا النصارى لو اجتمعوا، وعدوانه على مقام النبي عليه الصلاة والسلام عدوان صارخ، فيقول: إنه اكتشف كتاباً مذهلاً ومدهشاً والأمة بقيت غافلة عنه من ساعة وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، أمر خطير جداً! المسلمون أجمعوا على هذا الأمر منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وهو اكتشف حقيقة مذهلة على حد تعبيره، وهي: أن السنة النبوية بكل أقسامها الفعلية والقولية والتقريرية هي من عمل الشيطان، ويصف جميع علماء الحديث بالمجرمين، ويستدل بقوله تبارك وتعالى: {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام:112]، يصف بهذا المحدثين! ويزعم أن الإمام البخاري هو المقصود بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [الفرقان:31].
إلحاد ما بعده إلحاد! ومع ذلك نجد أننا نتساهل في تقبل مثل هذه الأشياء التي ينبغي الحذر الشديد منها، فالمصائب كثيرة، وأنا كنت في مدينة توكسان مرة، ثم مريت على مسجد هذا الملحد، وكان هناك إخوة يريدونني أن أدخل هذا المكان الملعون الذي هو أشد خطراً من مسجد الضرار.
الشاهد أنه لا ينبغي أن نتعامل بسذاجة وبساطة في تزكية أمثال هذه الأشياء دون أن نأخذ منها الحذر الكافي.
فعلى الإخوة التنبيه والتحذير من الانخداع بمثل هذه الأشياء، ولابد أن نرجع إلى العلماء، ونفحص هذه الأشياء قبل أن نزكيها أو أن ندل الناس عليها.
ومن العجائب التي سمعتها من الإخوة الذين كانوا يعيشون معه في نفس المدينة أن عنده صلاة الجماعة تكون بين الرجال والنساء جميعاً، ومع هذا نجد من يجازف ويتهور ويقول: هو موقع إسلامي ليس له مثيل، وهو متميز! فهذا هو رشاد خليفة مسيلمة الكذاب في مدينة توكسان، ودجال هذا العصر، ورغم أن الله سبحانه وتعالى أهلكه منذ سنوات، لكن ما زال هناك من يصفون خلفه، ويبثون دعوته بكل اللغات في شتى أنحاء الأرض! نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكفي المسلمين شرهم أجمعين.