قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:11] وفي حرف ابن مسعود: (ذلك بأن الله ولي الذين آمنوا).
قوله: ((ذَلِكَ)) أي: ما مضى مما فعله الله عز وجل بفريق المؤمنين، وما فعله بفريق الكافرين، أو ((ذلك)) إشارة إلى ما ذكره من أن للكافرين أمثالها.
قوله: ((ذَلِكَ بِأَنَّ)) فالباء هنا سببيه، ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا)) أي: وليهم وناصرهم، قاله ابن عباس وغيره.
قوله: ((وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ)) مثل قوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [الحج:71]، ولذلك نادى أبو سفيان صخر بن حرب حين كان رئيس المشركين يوم أحد -قبل أن يسلم في فتح مكة- بعدما لاحت لهم بشائر الغلبة على المسلمين نادى فقال سائلاً: أين محمد؟ أين أبو بكر؟ أين عمر؟ فلم يجب، فقال: أما هؤلاء فقد هلكوا؛ فظن أنه لم يوجد أحد منهم لأنهم ماتوا، فرد عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: كذبت يا عدو الله! بل أبقى الله لك ما يسوءك، وإن الذين عددت لأحياء، فقال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سِجال، أما إنكم ستجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني، ثم ذهب يرتجز فيقول: اعل هبل، اعل هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تجيبوه! قالوا: يا رسول الله! وما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل)، ثم قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال: (ألا تجيبوه! قالوا: وما نقول يا رسول الله؟!)، وتأملوا أن الرسول لما كان أبو سفيان يقول: أين محمد؟ أين أبو بكر؟ أين عمر؟ لم يجبه، ولما أراد أن يخدش عقيدة المسلمين واستعصامهم بربهم أمرهم بالإجابة، فعندما قال: (اعل هبل) وهذا اعتداء على مقام الألوهية، فقال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا تجيبوه! قالوا: يا رسول الله! وما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل، ثم قال: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال: ألا تجيبوه؟ قالوا: وما نقول يا رسول الله؟! قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم).