تفسير قوله تعالى: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون)

قال تبارك وتعالى: {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف:39].

قال القاشاني: أي: لن ينفعكم التمني وقت حلول العذاب واستحقاق العقاب إذا ثبت وصح ظلمكم في الدنيا، وتبين عاقبته، وكشف عن حاله؛ لأنكم مشتركون في العذاب لاشتراككم في سببه.

أو: ولن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب من شدته؛ لأن كل واحد منكم له الحظ الأوفر من العذاب.

قال المبرد: منعوا روح التأسي؛ لأن التأسي يسهل المصيبة.

وهذا شيء طبيعي في الإنسان، كما يقول العوام: المصيبة إذا عمت هانت، أو إذا رأى الإنسان بلية غيره هانت عليه بليته.

فحتى هذا المعنى النفسي الذي يحصل بسبب الاشتراك في البلاء من التخفيف يحرم منه أهل النار، فالآية تشير إلى أن اشتراكهم في العذاب لن يحدث لهم المساواة التي كانوا يجدونها في الدنيا إذا اشتركوا في بلية، فإنهم في النار اشتركوا في البلية، لكنهم منعوا روح التأسي؛ لأن التأسي يسهل المصيبة، كما قالت الخنساء رضي الله عنها: ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن أعزي النفس عنه بالتأسي وقوله: ((وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ)) وهو كقوله تعالى في سورة الصافات: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الصافات:33].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015