تفسير قوله تعالى: (إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو)

ولما فرغ موسى عليه السلام من إبطال ما دعا إليه السامري عاد إلى بيان الدين الحق، فقال: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [طه:98].

((إِنَّمَا إِلَهُكُمُ)) أي: المستحق للعبادة والتعظيم {اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} أي: أحاط علمه بكل شيء.

قال الشنقيطي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}: بين جل وعلا في هذه الآية أن العجل الذي صنعه السامري من حلي القبط لا يمكن أن يكون إلهاً؛ وذلك لأنه حصر الإله أي المعبود بحق بـ: ((إِنَّمَا)) -التي هي أداة حصر على التحقيق- في خالق السماوات والأرض.

{الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [طه:98] أي: لا معبود بحق إلا هو وحده جل وعلا، وهو الذي وسع كل شيء علماً، (وعلماً) تمييز محول عن الفاعل.

أي: وسع علمه كل شيء.

وما ذكره تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة: من أنه تعالى هو الإله المعبود بحق دون غيره، وأنه وسع كل شيء علماً؛ ذكره في آيات كثيرة من كتابه الكريم، كقوله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [البقرة:255]، وقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19].

وقال في إحاطة علمه بكل شيء: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس:61]، وقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام:59]، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015