يقول الله تبارك وتعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [يوسف:19].
((وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم)) أي: الذي يرد الماء ويستقي لهم.
((فأدلى دلوه)) أي: أرسلها في الجب ليملأها، فتعلق بها يوسف للخروج، فلما رآه هذا الوارد قال: ((يا بشرى هذا غلام)) وقرئ ((يا بشراي هذا غلام))، بالإضافة والمنادى محذوف، أو نُزِّلت البشرى منزلة من ينادى فقيل: ((يا بشرى)) ويقال: إن هذه الكلمة تستعمل للتبشير من غير قصد إلى النداء.
((هذا غلام)) الغلام الطار الشارب، أي: الذي بدأ ينبت شاربه، أو هو من ولادته إلى أن يشب، والتنوين لكلمة (غلام) لتعظيم شأن هذا الغلام.
((وأسروه بضاعة)) أي: أخفوه متاعاً للتجارة.
فتكون (بضاعة) منصوبة على أنها حال.
وإذا كان معنى (أسروه) جعلوه فهي مفعول به، أي: جعلوه بضاعة.
ويصلح إعرابها مفعولاً لأجله، أي: لأجل أنهم أسروه بضاعةً.
والبضاعة من البضع وهو القطع، فهو قطعة وافرة من المال تقتنى للتجارة، لأنه نظر إليه على أنه سوف يجعله عبداً ليحصل به مالاً كثيراً في التجارة ((والله عليم بما يعملون)).