قال تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [يوسف:8].
((إذ قالوا ليوسف وأخوه)) بنيامين، وهو شقيقه، وأمهما راحيل بنت ليان خال يعقوب عليه السلام.
((أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة)) بالنصب أي: والحال أننا جماعة أقوياء، فنحن أحق بالمحبة من صغيرين لا كفاية فيهما، لأننا رجال أشداء أقوياء نقضي حوائج أبينا وينتفع بنا.
والعصبة والعصابة: الجماعة من الرجال، فإذاً: ذكر العصبة ليس لإفادة العدد فقط؛ بل للإشعار بالقوة، ليكون أنسب في الإنكار.
ثم قالوا بعد ذلك: ((إن أبانا لفي ضلال مبين)) أي: في ذهاب عن طريق الصواب في هذه المسألة بالذات؛ لأنه فضل المفضول بزعمهم على الفاضل، وغاب عنهم أن يعقوب عليه السلام ما كان في ضلال مبين وإنما رأى في يوسف عليه السلام مخايل النجابة وعلامات السيادة التي سيئول إليها أمره فيما بعد، لاسيما بعد ما قص عليه تلك الرؤيا، فكانت دليلاً على أن الله يريد به خيراً، أما بنيامين فلكونه شقيقه ولكونه كان أصغرهم، ومن المعروف زيادة الميل لأصغر البنين.