قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة:59].
(ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله) يعني: كفانا فضله وما قسمه لنا.
(سيؤتينا الله من فضله ورسوله) يعني: بعد هذا إن كنا نؤمل المزيد فسوف يؤتينا الله من فضله حسب ما نرجو ونؤمل.
(إنا إلى الله راغبون) يعني: راجون أن يغنمنا ويخولنا فضله.
والجواب محذوف بناءً على ظهوره، يعني: لو أنهم فعلوا ذلك، ولو أنهم قالوا ذلك؛ لكان خيراً لهم.
(ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله) يعني: في المستقبل لكان خيراً لهم.
روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم فيئاً، أتاه ذو الخويصرة رجل من بني تميم، وقال: يا رسول الله! اعدل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلك! من يعدل إذا لم أعدل؟! فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ائذن لي فأضرب عنقه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه؛ فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)، والمراد بذلك: الخوارج، وهذا الرجل فعلاً هو أصل الخوارج، وتحقق خروج هؤلاء الخوارج بهذه الأوصاف التي وصفهم بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمع اجتهادهم في العبادة؛ حتى إن أحدكم ليحقر صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، ويقرءون القرآن، لكن لا يجاوز تراقيهم، يعني: لا يؤجرون عليه ولا يرفع إلى الله سبحانه وتعالى.