تفسير قوله تعالى: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم)

قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة:3]، من أقبح أنواع اللحن هنا أن يقال: أن الله بريء من المشركين ورسولِهِ -والعياذ بالله- ولو قصدها رجل ربما كفر، لأن عطف الرسول على المشركين (بريء من المشركين ورسوله) معناه: أن الله بريء أيضاً من الرسول عليه الصلاة والسلام! وهذا من أقبح ما يقع من اللحن، فيجب أن ينتبه إلى ذلك.

{فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [التوبة:3] أي: إن تبتم -أيها المشركون- من كفركم ورجعتم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد فهو خير لكم من الإقامة على الشرك والضلال والفساد.

{وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [التوبة:3] يعني: عن الإيمان وأبيتم إلا الإقامة على ضلالكم وشرككم {فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [التوبة:3] أي: غير فائتين أخذه وعقابه، لن تفوتوا الله سبحانه، بل الله قادر عليكم وإن أمهلكم.

{وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة:3] وكلمة (بشّر) هذه فيها نوع من التوبيخ والتهكم الشديد (وبشر الذين كفروا) يعني: الذين جحدوا نبوتك وخالفوا أمر ربهم {بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:3] فالشخص إذا سمع كلمة (بشّر) يفرح ويتوقع كلاماً يكون بشرى، وأن هذه بشارة فإذا سمع: (بعذاب أليم) يصدم بصدمة عكسية؛ لأنها عكس ما تؤديه كلمة البشارة، فهذا فيه تهكم بهم.

(وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) أي: موجع يحل بهم، وفيه من التهكم والتهديد ما فيه، كي لا يظن أن عذاب الدنيا لو فات وزال خلصوا من العذاب، فإن العذاب الشديد معد لهم يوم القيامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015