ثم قال تعالى: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأعراف:151].
أي: قال موسى عليه السلام متضرعاً إلى ربه استنزالاً لرحمته وتعوذاً بمغفرته من سخطه، ولا يخفى اقتضاء المقام ذلك: ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)).
لما اعتذر إليه أخوه وذكر له شماتة الأعداء قال: ((رب اغفر لي ولأخي))؛ ليرضي أخاه؛ لأنه تبين له أن هارون لم يقصر، فلذلك استغفر لأخيه هارون؛ وليظهر لأهل الشماتة رضاه عن أخيه هارون، فلا تتم لهم شماتتهم، واستغفر لنفسه مما فرط منه إلى أخيه، فدعا أن يغفر له ما فعل مع أخيه من جذب رأسه وشدته عليه، وأن يعفو لأخيه؛ لأنه قد يكون فرط في حسن الخلافة.
وطلب ألا يتفرقا عن رحمته فقال: ((وأدخلنا)) مجتمعين غير متفرقين، ((في رحمتك)) ولا تزال منتظمة لهما في الدنيا والآخرة، عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام.