ثم أنذر تعالى بني آدم بأنه سيبعث إليهم رسلاً يهدونهم وبشر وأنذر بقوله سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف:35 - 36].
قوله تعالى: ((يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي)) ذكره بحرف الشرط، للتنبيه على أن إتيان الرسل أمر جائز غير واجب، وضمت إليها ما: (إما) لتأكيد معنى الشرط، ولذلك أكد فعلها بالنون الثقيلة أو الخفيفة فقال: ((إما يأتينكم)).
والمراد ببني آدم جميع الأمم، وهو حكاية لما وقع مع كل قوم، ولا يدخل في المراد بالرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا خلاف الظاهر.
وجواب الشرط قوله تعالى: ((فمن اتقى)) أي: اتقى التكذيب ((وأصلح)) أي: عمله، ((فلا خوف عليهم)) من العذاب ((ولا هم يحزنون)) في الآخرة، لأن سياق الكلام في الرسل السابقين: ((يَا بَنِي آدَمَ)) يعني: الأمم الأخرى، ((إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)) * {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا} [الأعراف:36] أي: تكبروا عنها، {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف:36].