ثم قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:162].
هذا المأمور به متعلق بفروع الشرائع، وما سبق متعلق بأصولها.
أي: أن الأمر السابق أمر متعلق بأصول العقيدة، وهو قوله تعالى: (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين)، فقرر الأمر هنا؛ لأنه يقصد هنا فروع الشريعة، والقضايا العملية، فقوله: (قل إن صلاتي) يعني: صلاتي إلى الكعبة (ونسكي) يعني: طوافي وذبحي للهدايا في الحج والعمرة أو عبادتي كلها؛ لأن النسك يطلق إما على الذبح، وإما على العبادة كلها.
وقوله: (ومحياي ومماتي) يعني: ما آتيه في حياتي، وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح، أو (محياي) يعني: طاعات الحياة و (مماتي) الخيرات المضافة إلى الممات، كالوصية والتدبير، أو الحياة والممات لله رب العالمين.
وقوله: (لا شَرِيكَ لَهُ) يعني: خالصة لله لا أشرك فيها غيره، (وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) أي: بذلك القول أو بذلك الإخلاص أمرت، (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) يعني: من هذه الأمة؛ لأن إسلام كل نبي متقدم على إسلام أمته.
قال ابن كثير: يأمر تعالى نبيه أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله تعالى ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم في ذلك، فإن صلاته لله ونسكه على اسمه وحده لا شريك له.