وَقَالَ الْحَسَنُ:
كَانَ النَّبِيُّ قَدْ أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُؤَذِّنَ النَّاسَ بِالْبَرَاءَةِ، فَلَمَّا مَضَى دَعَاهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَا يُبَلِّغُ عَنِّي فِي هَذَا الأَمْرَ إِلا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ".
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ:
إِنَّمَا أَمر النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عَلِيًّا بِذَلِكَ دُونَ أَبِي بَكْرٍ؛ لأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ فِي عَقْدِ عُهُودِهَا لَوْ نَقَضَتْهَا أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ عَلَى الْقَبِيلَةِ رجلٌ مِنْهَا، فَكَانَ جَائِزًا أَنْ تَقُولَ الْعَرَبُ: [إِذَنْ عَلَيْكَ] نَقْضَ الْعُهُودِ مِنَ الرَّسُولِ، هَذَا خِلافُ مَا نَعْرِفُ فِينَا فِي نَقْضِ الْعُهُودِ؛ فَأَزَاحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِلَّةَ، وَكَانَ هَذَا فِي سَنَةِ تسعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، بَعْدَ افْتِتَاحِ مَكَّةَ بِسَنَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْله {بَرَاءَة} يَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَلَى خَبْرِ الابْتِدَاءِ؛ عَلَى مَعْنَى هَذِهِ الآيَاتُ: {بَرَاءَةٌ مِنَ الله وَرَسُوله}.
وعَلى الِابْتِدَاء، وَيكون الْخَبَر {إِلَّا الَّذين عاهدتم}.
قَوْله: {فَإِن تبتم} يَقُولُ لِلْمُشْرِكِينَ: فَإِنْ تُبْتُمْ مِنَ الشِّرْكِ {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ توليتم} عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
{فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كفرُوا بِعَذَاب أَلِيم} يَعْنِي: الْقَتْلَ قَبْلَ عَذَابَ الآخِرَةِ،