طَائِفَةٌ، فَتُخْرِجُونَهُ إِلَى غَيْرِكُمْ، فَيَأْتِيهِمْ فَيُفْسِدَهُمْ كَمَا أَفْسَدَكُمْ، يُوشِكُ وَاللَّهِ أَنْ يَمِيلَ بِهِمْ عَلَيْكُمْ. قَالُوا: صَدَقَ وَاللَّهِ. ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَرَى مِنَ الرَّأْيِ أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلا، ثُمَّ تُعْطُوا كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ سَيْفًا فَيَأْتُونَهُ [فَيَضْرِبُونَهُ] جَمِيعًا فَلا يَدْرِي قَوْمُهُ مَنْ يَأْخُذُونَ بِهِ، وَتُودِي قُرَيْشٌ دِيَتَهُ.
فَقَالَ إِبْلِيسُ: صَدَقَ وَاللَّهِ هَذَا الشَّابُّ؛ إِنَّ الأَمْرَ لَكَمَا. قَالَ: فَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ.
فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، وَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ. فَخَرَجَ مِنْ لَيْلَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ الْغَارَ قَالَ اللَّهُ: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خير الماكرين}.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ: الْجَزَاءُ وَالْمَثُوبَةُ؛ أَنْ يُجَازِيَهُمْ جَزَاءَ مَكْرهمْ.
وَمعنى: {ليثبتوك} أَي: ليحسبوك، وَمِنْهُ يُقَالُ: فُلانٌ مُثَّبَتْ وَجَعًا إِذا منع من الْحَرَكَة.