وقد روى مسلم وأبو داود والنسائيّ من حديث عليّ بن عبد الله بن عباس عن أبيه حديثا في ذلك أيضا.
وروى ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة بعد ما مضى ليل، فنظر إلى السماء وتلا هذه الآية إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إلى آخر السورة، ثم قال: اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، ومن بين يديّ نورا، ومن خلفي نورا، ومن فوقي نورا، ومن تحتي نورا، وأعظم لي نورا يوم القيامة «1» .
وهذا الدعاء ثابت في بعض طرق الصحيح من رواية كريب عن ابن عباس رضي الله عنه.
وروى ابن مردويه وعبد بن حميد حديثا عن عائشة، وفيه أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل الله عليّ في هذه الليلة: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إلى قوله فَقِنا عَذابَ النَّارِ ثم قال: ويل لمن قرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر فيها.
ومما ورد في فضل هذه السورة ما أخرجه مسلم «2» والترمذيّ من حديث النواس بن سمعان: يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران. وضرب لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال، ما نسيتهن بعد، قال: كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان، بينهما شرق (أي ضياء ونور) ، أو كأنهما حزقان من طير صوافّ تحاجّان عن صاحبهما.
والله سبحانه الموفق.
ثمّ تفسير هذه السورة صباح الجمعة في 11 ذي القعدة الحرام سنة (1318) وذلك في حرم جامع السنانية في الشباك القبليّ من السدة اليمنى العليا بيد جامعه الفقير محمد جمال الدين القاسميّ الدمشقيّ غفر له ولوالديه وللمؤمنين آمين (ويليه الجزء الثالث وفيه تفسير سورة النساء)