وقوله سُبْحانَكَ أي تنزيها لك من العبث، وأن تخلق شيئا بغير حكمة فَقِنا عَذابَ النَّارِ قال السيوطيّ: فيه استحباب هذا الذكر عند النظر إلى السماء.

ذكره النوويّ في (الأذكار) . وفيه تعليم العباد كيفية الدعاء، وهو تقديم الثناء على الله تعالى أولا، كما دل عليه قوله سُبْحانَكَ ثم بعد الثناء يأتي الدعاء، كما دل عليه فَقِنا عَذابَ النَّارِ.

وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته، لم يمجد الله تعالى، ولم يصل على النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه سبحانه، والثناء عليه، ثم يصلي على النبيّ صلّى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء- رواه أبو داود «1» والترمذيّ

وقال: حديث صحيح.

واعلم أنه لما حكى تعالى عن هؤلاء العباد المخلصين أنّ ألسنتهم مستغرقة بذكر الله تعالى، وأبدانهم في طاعة الله، وقلوبهم في التفكر في دلائل عظمة الله، ذكر أنهم مع هذه الطاعات يطلبون من الله أن يقيهم عذاب النار، ثم أتبعوا ذلك بما يدل على عظم ذلك العقاب وشدته وهو الخزي، بقولهم:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (3) : آية 192]

رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (192)

رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ أي أهنته وأظهرت فضيحته لأهل الموقف. وسر هذا الإتباع عظم موقع السؤال، لأن من سأل ربه حاجة، إذا شرح عظمها وقوتها، كانت داعيته في ذلك الدعاء- أكمل، وإخلاصه في طلبه أشد، والدعاء لا يتصل بالإجابة، إلا إذا كان مقرونا بالإخلاص، وهذا أيضا تعليم من الله تعالى فنّا آخر من آداب الدعاء وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ تذييل لإظهار نهاية فظاعة حالهم، ببيان خلود عذابهم، بفقدان من ينصرهم، ويقوم بتخليصهم. وغرضهم تأكيد الاستدعاء. ووضع (الظالمين) موضع ضمير المدخلين، لذمهم، والإشعار بتعليل دخولهم النار بظلمهم، ووضعهم الأشياء في غير مواضعها. وجمع (الأنصار) بالنظر إلى جمع الظالمين، أي ما لظالم من الظالمين نصير من الأنصار. والمراد به من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015