لا تغضب. فأعاد عليه. حتى أعاد عليه مرارا. كل ذلك يقول: لا تغضب- انفرد به أحمد
-
وروى من طريق آخر أن رجلا قال: يا رسول الله أوصني، قال: لا تغضب.
قال الرجل: ففكرت حين قال النبيّ صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشركله
وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ أي ظلمهم لهم، ولو كانوا قد قتلوا منهم، فلا يؤاخذون أحدا بما يجني عليهم، ولا يبقى في أنفسهم موجدة، كما قال تعالى: وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى: 37] . قال القفال رحمه الله: يحتمل أن يكون هذا راجعا إلى ما ذم من فعل المشركين في أكل الربا، فنهى المؤمنون عن ذلك، وندبوا إلى العفو عن المعسرين. قال تعالى عقيب قصة الربا والتداين: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ، إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280] .
ويحتمل أن يكون كما قال تعالى في الدية: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ [البقرة: 178] . إلى قوله: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ. ويحتمل أن يكون هذا بسبب غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مثلوا بحمزة وقال: لأمثلنّ بهم. فندب إلى كظم هذا الغيظ والصبر عليه والكف عن فعل ما ذكر أنه يفعله من المثلة، فكان تركه فعل ذلك عفوا. قال تعالى في هذه القصة: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل: 126]- انتهى- وظاهر أن عموم الآية مما يشمل كل ما ذكر. إذ لا تعيين وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ اللام إما للجنس، وهم داخلون فيه دخولا أوليا. وإما للعهد، عبر عنهم بالمحسنين إيذانا بأن النعوت المعدودة من باب الإحسان الذي هو الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفيّ المستلزم لحسنها الذاتيّ. وقد فسره صلى الله عليه وسلم
بقوله (?) : أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك.
والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها- أفاده أبو السعود-.