صلّى الله عليه وسلّم يباشر نساءه فوق الإزار وهنّ حيّض.
وفي لفظ له: كان يضطجع معي وأنا حائض وبيني وبينه ثوب.
وقوله: حَتَّى يَطْهُرْنَ بيان لغاية الاعتزال. وقد قرئ في السبع: بفتح الطاء والهاء مع التشديد، وبسكون الطاء وضمّ الهاء مخففة. والقراءة الأولى تدلّ صريحا على أنّ غاية حرمة القربان هو الاغتسال، كما ينبئ عنه قوله تعالى فَإِذا تَطَهَّرْنَ ... ، إلخ. والقراءة الثانية وإن دلّت على أنّ الغاية هو انقطاع الدم- بناء على ما قيل: إنّ الطهر انقطاع الدم. والتطهر الاغتسال- إلّا أنّه لما ضمّ إليها قوله تعالى:
فَإِذا تَطَهَّرْنَ، صار المجموع هو الغاية وذلك بمنزلة أن يقول الرجل: لا تكلم فلانا حتى يدخل الدار، فإذا طابت نفسه بعد الدخول فكلّمه! فإنه يجب أن يتعلق إباحة كلامه بالأمرين جميعا. وكذلك الآية- لمّا دلت على وجوب الأمرين- وجب أن لا تنتهي هذه الحرمة إلّا عند حصول الأمرين، فمرجع القراءتين واحد كما بيّنا.
وقد روى مسلم (?) عن عائشة: إنّ أسماء سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن غسل المحيض؟
فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثمّ تصبّ على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصبّ عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها- والفرصة بالكسر: قطعة من صوف أو قطن أو غيره- تتبع بها أثر الدم.
ثم آذن تعالى أنّ التطهر شرط في إباحة قربانهنّ، لا يصحّ بدونه، بقوله سبحانه فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، أي: فجامعوهنّ من المكان الذي أمركم الله بتجنّبه في الحيض وهو القبل ولا تتعدّوه إلى غيره. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، من الذنوب وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ أي: المتنزّهين عن الفواحش والأقذار. كمجامعة الحائض والإتيان في غير المأتى. وفي ذكر التوبة إشعار بمساس الحاجة إليها- بارتكاب بعض الناس لما نهوا عنه- وتكرير الفعل لمزيد العناية بأمر التطهّر.