وإلّا أنتم فقد تركتم حكم التوراة. فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ... - إلى قوله- ... وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ...

[المائدة: 41- 42] . - إلى قوله- ... فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ [المائدة: 44- 45] ...

فبين سبحانه أنّه سوى بين نفوسهم، ولم يفضل منهم نفسا على أخرى، كما كانوا يفعلونه إلى قوله: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ، فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ، لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ... - إلى قوله- أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة: 48- 50] .

فحكم الله سبحانه وتعالى في دماء المسلمين أنها كلها سواء. خلاف ما عليه أهل الجاهلية. وأكثر سبب الأهواء الواقعة بين الناس- في البوادي والحواضر- إنما هي البغي وترك العدل. فإن إحدى الطائفتين قد يصيب بعضها دما من الأخرى. أو مالا. أو يعلو عليها بالباطل، فلا ينصفها. ولا تقتصر الأخرى على استيفاء الحق! فالواجب في كتاب الله الحكم بين الناس في الدماء، والأموال، وغيرها ... بالقسط الذي أمر الله به، ومحو ما كان عليه كثير من الناس من حكم الجاهلية..! وإذا أصلح مصلح بينهم فليصلح بالعدل، كما قال تعالى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما، فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى، فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ، وَأَقْسِطُوا، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015