لصاحب اليسار: دعه سبع ساعات، لعله يسبح أو يستغفر! انتهى.
وقد كثر في كلام القاشانيّ رحمه الله تأويل الملك بالقوة الحاثة على الخير، والشيطان بالمغوية على الشر. وسبقه إليه الحكماء. قال بعض الحكماء: هذا الشيء الذي أودع فينا ونسميه قوة وفكرا، وهو في الحقيقة معنى لا يدرك كنهه، وروح لا تكتنه حقيقتها، لا يبعد أن يسميه الله تعالى ملكا، ويسمي أسبابه ملائكة، أو ما شاء من الأسماء، فإن التسمية لا حجر فيها على الناس، فكيف يحجر فيها على صاحب الإرادة المطلقة، والسلطان النافذ، والعلم الواسع.
وقد سبق الغزاليّ إلى هذا المعنى، وعبّر عنه بالسبب وقال: إنه يسمى ملكا، فإنه، في شرح عجائب القلب من كتاب (الإحياء) ، بعد ما قسم الخواطر إلى محمود ومذموم، قال: وكذلك لأنوار القلب وظلمته سببان مختلفان: فسبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملكا، وسببا لخاطر الداعي إلى الشر يسمى شيطانا.. إلخ. والبحث كله غرر، تجدر مراجعته.
قَعِيدٌ كجليس، بمعنى مجالس، لفظا ومعنى. وإنما أفرد رعاية للفواصل، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، كقوله:
فإني وقيّار بها لغريب
وقيل: يطلق (فعيل) للواحد والمتعدد، كقوله: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم: 4] ، وضعف بأنه ليس على إطلاقه، بل إذا كان (فعيل) بمعنى (مفعول) بشروطه، وهذا بمعنى (فاعل) ، فلا يصح فيه ذلك إلا بطريق الحمل على (فعيل) بمعنى (مفعول) .
ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ أي ملك يرقب عمله، عَتِيدٌ أي حاضر.
ولما ذكر استبعادهم للبعث، وأزاح ذلك بتحقيق قدرته وعلمه، أعلمهم بأنهم يلاقون ذلك عن قريب، ونبه على اقترابه بلفظ الماضي، فقال سبحانه: