سبحانه وتعالى. ولكن في هؤلاء من يقول: المعدوم ليس بشيء أصلا، وإن سمي شيئا باعتبار ثبوته في العلم، كان مجازا. ومنهم من يقول: لا ريب أن له ثبوتا في العلم ووجودا فيه، فهو باعتبار هذا الثبوت والوجود هو شيء وذات. وهؤلاء لا يفرقون بين الوجود والثبوت. كما فرق من قال: المعدوم شيء. ولا يفرقون في كون المعدوم ليس بشيء بين الممكن والممتنع، كما فرق أولئك. إذ قد اتفقوا على أن الممتنع ليس بشيء وإنما النزاع في الممكن. وعمدة من جعله شيئا، إنما هو لأنه ثابت في العلم، وباعتبار ذلك صح أن يخص بالقصد والخلق والخبر عنه والأمر به والنهي عنه، وغير ذلك. قالوا: وهذه التخصيصات تمتنع أن تتعلق بالعدم المحض.

فإن خصّ الفرق بين الوجود الذي هو الثبوت العينيّ، وبين الوجود الذي هو الثبوت العلميّ، زالت الشبهة في هذا الباب.

وقوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40] ذلك الشيء هو معلوم قبل إبداعه وقيل توجيه هذا الخطاب إليه.

وبذلك كان مقدرا مقضيا. فإن الله سبحانه وتعالى يقول ويكتب مما يعلمه ما شاء.

كما

قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر وقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة» (?)

. قال: وعرشه على الماء.

وفي صحيح البخاريّ عن عمران بن حصين عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض» (?) .

وفي سنن أبي داود (?) وغيره عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: إن أول ما خلق الله القلم، فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015