إذا تعدى (خالف) ب (عن) ضمن الخروج. وأصل معنى المخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر في حاله أو فعله، كما قاله الراغب أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أي محنة في الدنيا أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أي في الآخرة أو فيهما.
استدل به على وجوب وزن الأمور بميزان شريعته وسنته، وأصول دينه. فما وافق قبل، وما خالف رد على قائله وفاعله، كائنا من كان. كما
ثبت في الصحيحين «1» عنه صلوات الله عليه وسلامه (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)
واستدل بالآية أيضا أن الأمر للوجوب. فإنه يدل على أن ترك مقتضى الأمر مقتض لأحد العذابين. قيل: هذا إنما يتم إذا أريد بالأمر الطلب لا الشأن كما في قوله: عَلى أَمْرٍ جامِعٍ وقد جوّزا فيه مع إرادتهما معا. وتفصيل البحث في (الرازي) .
أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)
أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ أيها المكلفون من المخالفة والموافقة، والنفاق والإخلاص. وإنما أكد علمه ب (قد) لتأكيد الوعيد.
وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أي فلا يخفى عليه خافية. لأن الكل خلقه وملكه. فيحيط علمه به ضرورة. أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: 14] .