وخيانتهم، أو بنقض عهدهم فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ أي من صنيعهم ونقض عهدهم وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ أي يتعظون بأنها آيات قاطعة، وكون الابتلاء بسبب مخالفتها.
ثم بيّن أحوالهم عند نزولها وهم في محفل تبليغ الوحي، إثر بيان مقالتهم، وهمّ غائبون عنه بقوله تعالى:
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (127)
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ قال الزمخشري:
يعني تغامزوا بالعيون إنكارا للوحي، وسخرية به، قائلين: هل يراكم من أحد من المسلمين لننصرف، فإنا لا نصبر على استماعه، ويغلبنا الضحك، فنخاف الافتضاح بينهم. أو ترامقوا يتشاورون في تدبير الخروج والانسلال لواذا. يقولون: هل يراكم من أحد ثُمَّ انْصَرَفُوا أي عن محفل الوحي خوفا من الافتضاح صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ أي عن الإيمان حسب انصرافهم عن حضرته عليه السلام. والجملة إخبارية أو دعائية بِأَنَّهُمْ أي بسبب أنهم قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ أي لا يتدبرون أمر الله حتى يفقهوا.
الأول- دلت الآية المتقدمة على زيادة الإيمان بما ذكر، وسواء قلنا بدخول الأعمال في مسمى الإيمان، وهو الحق، أو لا، وأنه مجرد التصديق القلبي، فالزيادة مما يقبلها قطعا، والأول بديهي، والثاني مثله، إذ ليس إيمان الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، والصحابة رضي الله عنهم، كإيمان غيرهم وهذا مما لا يرتاب فيه.
الثاني- ذكر تعالى من مخازي المنافقين نوعين: عدم اعتبارهم بالابتلاء، وتمكن الكفر منهم، وازدياده في وقت يقتضي زيادة الإيمان، وهو تكرير التنزيل.
ولما كان القصد بيان إصرارهم على كفرهم، وعدم نفع العظات فيهم، ختم مخازيهم بذلك، لأنه نتيجتها. وقدم عليه ما يصيبهم من الابتلاء، لأن فيه ردعا عظيما لو تذكروا.
وقد تلطف القاشاني في إيضاح ذلك، وجود التقرير فيه، وعبارته:
البلاء قائد من الله تعالى يقود الناس إليه. وقد ورد في الحديث: (البلاء سوط