بالحقائق اختلافا يكون بين الأنواع. ثم قال: ويمكن أن تشاهد هذه الجواهر- أعني جواهر الملائكة- وإن كانت غير محسوسة. وهذه المشاهدة على ضربين: إما على سبيل التمثيل، كقوله تعالى: فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
[مريم: 17] . وكما كان النبيّ عليه الصلاة والسلام «1» ، يرى جبريل في صورة دحية الكلبي.
والقسم الثاني أن يكون لبعض الملائكة بدن مخصوص، كما أن نفوسنا غير محسوسة ولها بدن محسوس هو محل تصرفها وعالمها الخاص بها، فكذلك بعض الملائكة، وربما كان هذا البدن المحسوس موقوفا على إشراق نور النبوة، كما أن محسوسات عالمنا هذا موقوفة عند الإدراك على إشراق نور الشمس، وكذا في الجن والشياطين- انتهى-.
وقوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ قال الزجاج: يعني سلطناهم عليهم، يزيدون في غيهم- انتهى- والجملة تعليل آخر للنهي، وفيه تحذير أبلغ من الأول.
وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (28)
وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أي: ما تناهى قبحه من الذنوب، كالشرك وكشف العورة في الطواف قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها أي؟ إذا فعلوها اعتذروا بأن آباءهم كانوا يفعلونها، فاقتدوا بهم، وبأن الله أمرهم بأن يفعلوها، حيث أقرنا عليها،