بالحكم. ومثل هذا أنه سئل عن رجل (?) أحرم بالعمرة وعليه جبة مضمّخة بخلوق
فقال: انزع عنك الجبة الخلوق، واصنع في عمرتك ما كنت تصنع في حجك.
فأجابه عن الجبة، ولو كان عليه قميص أو نحوه، كان الحكم كذلك بالإجماع.
والنوع الثاني من القياس: أن ينص على حكم لمعنى من المعاني، ويكون ذلك المعنى موجودا في غيره، فإذا قام دليل من الأدلة على أن الحكم متعلق بالمعنى المشترك بين الأصل والفرع سوّى بينهما، وكان هذا قياسا صحيحا. فهذان النوعان كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان، يستعملونهما، وهما من باب فهم مراد الشارع.
فإن الاستدلال بكلام الشارع يتوقف على أن يعرف ثبوت اللفظ عنه، وعلى أن يعرف مراده باللفظ. وإذا عرفنا مراده، فإن علمنا أنه حكم للمعنى المشترك، لا لمعنى يخص الأصل، أثبتنا الحكم حيث وجد المعنى المشترك. وإن علمنا أنه قصد تخصيص الحكم بمورد النص، منعنا القياس. كما أنا علمنا أن الحج خص به جهة الكعبة، وأن الصيام الفرض خص به شهر رمضان، وأن الاستقبال خص به جهة الكعبة، وأن المفروض من الصلوات خص به الخمس، ونحو ذلك، فإنه يمتنع هنا أن نفيس على المنصوص غيره. وإذا عين الشارع مكانا أو زمانا للعبادة، كتعيين الكعبة وشهر رمضان، أو عين بعض الأقوال والأفعال، كتعيين القراءة في الصلاة، والركوع والسجود، بل وتعيين التكبير وأمّ القرآن، فإلحاق غير المنصوص به يشبه حال أهل اليمن الذين أسقطوا تعيين الأشهر الحرم، وقالوا: المقصود أربعة أشهر من السنة، فقال تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ [التوبة: 37] . وقياس الحلال بالنص على الحرام بالنص، من جنس قياس الذين قالوا: