المحسوس مختلف، فمنه الميزان المعروف، ومنه القبان للأثقال، والأصطرلاب لحركات الفلك والأوقات، والمسطرة للمقادير والخطوط، والعروض لمقادير حركات الأصوات. فالميزان الحقيقيّ، إذا مثله الله عز وجل للحواس، مثله بما شاء من هذه الأمثلة أو غيرها. فحقيقة الميزان وحده موجود في جميع ذلك، وهو ما يعرف به الزيادة من النقصان. وصورته تكون مقدرة للحس عند التشكيل، وللخيال عند التمثيل، والله تعالى أعلم بما يقدره من صنوف التشكيلات. والتصديق بجميع ذلك واجب. انتهى.

الثاني: الذي يوضع في الميزان يوم القيامة. قيل: الأعمال وإن كانت أعراضا إلا أن الله تعالى يقلبها يوم القيامة أجساما.

قال البغوي: يروى هذا عن ابن عباس، كما

جاء في (الصحيح) (?)

«أنّ البقرة وءال عمران يأتيان يوم القيامة كأنّهما غمامتان أو غيابتان، أو فرقان من طير صوافّ» .

ومن ذلك

في (الصحيح) (?)

قصة القرآن، وأنه يأتي صاحبه في صورة شاب شاحب اللون، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا القرآن الذي أسهرت ليلك، وأظمأت نهارك.

وفي حديث البراء (?)

في قصة سؤال القبر: فيأتي المؤمن شابّ حسن اللون، طيب الريح، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح.

وذكر عكسه في شأن الكافر والمنافق.

فالأعمال الظاهرة في هذه النشأة بصور عرضية، تبرز على هذا القول في النشأة الآخرة بصور جوهرية، مناسبة لها في الحسن والقبح. فالذنوب والمعاصي تتجسم هناك، وتتصور بصورة النار، وعلى ذلك حمل قوله تعالى: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ [العنكبوت: 54] ، وقوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015