وروى الإمام أحمد «1» وأبو داود والترمذيّ في حديث سعد بن أبي وقاص قال: «قلت: يا رسول الله! أرأيت إن دخل بيتي وبسط يده ليقتلني؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن كابن آدم- وتلا-: لَئِنْ بَسَطْتَ ... » الآية.

قال المهايميّ في تفسير هذه الآية: أي: إني- وإن لم أكن في الدفع ظالما- أخاف الله أن يكره مني هدم بنيانه الجامع ليظهر فيه من حيث كونه رب العالمين.

انتهى.

وهو منزع صوفيّ لطيف.

وقال أبو السعود: فيه من إرشاد قابيل إلى خشية الله تعالى، على أبلغ وجه وآكده، ما لا يخفى. كأنه قال: إني أخافه تعالى إن بسطت يدي إليك لأقتلك، أن يعاقبني. وإن كان ذلك مني لدفع عداوتك عني. فما ظنّك بحالك وأنت البادئ العادي؟ وفي وصفه تعالى بربوبيّة العالمين تأكيد للخوف. قيل: كان هابيل أقوى منه. ولكن تحرّج عن قتله واستسلم خوفا من الله تعالى. لأن القتل للدفع لم يكن مباحا حينئذ. وقيل: تحريا لما هو الأفضل،. حسبما

قال صلى الله عليه وسلم: كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل

. ويأباه التعليل بخوفه تعالى، إلّا أن يدعي أنّ ترك الأولى عنده بمنزلة المعصية في استتباع الغائلة، مبالغة في التنزّه. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (5) : آية 29]

إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (29)

إِنِّي أُرِيدُ أي: باستسلامي لك وامتناعي عن التعرض لك أَنْ تَبُوءَ أي:

ترجع إلى الله ملتبسا بِإِثْمِي أي: بإثم قتلي وَإِثْمِكَ أي: الذي كان منك قبل قتلي، أو الذي من أجله لم يتقبل قربانك فَتَكُونَ أي: بالإثمين مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015