فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ
[الشعراء: 119- 120] . وقال تعالى:
لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ [هود: 43] ، وإذا كان ابن نوح، الكافر، غرق، فكيف يبقى عوج بن عنق وهو كافر وولد زنية؟ هذا لا يسوغ في عقل ولا شرع. ثم في وجود رجل يقال له عوج بن عنق، نظر. والله أعلم.
الرابع: قال ابن كثير: تضمنت هذه القصة تقريع اليهود، وبيان فضائحهم ومخالفتهم لله ولرسوله، ونكولهم عن طاعتهما فيما أمراهم به من الجهاد، فضعفت أنفسهم عن مصابرة الأعداء ومجادلتهم ومقاتلتهم، مع أن بين أظهرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكليمه وصفيّه من خلقه في ذلك الزمان، وهو يعدهم بالنصر والظفر بأعدائهم.
هذا، مع ما شاهدوا من فعل الله بعدوّهم، فرعون، من العذاب والنكال والغرق له ولجنوده في اليمّ وهم ينظرون، لتقرّ به أعينهم (وما بالعهد من قدم) . ثم ينكلون عن مقاتلة أهل بلد هي بالنسبة إلى ديار مصر لا توازن عشر المعشار في عدة أهلها وعددهم، وظهرت قبائح صنيعهم للخاصّ والعام، وافتضحوا فضيحة لا يغطيها الليل ولا يسترها الذيل. وقال- رحمه الله- قبل ذلك: وما أحسن ما أجاب به الصحابة (?) - رضي الله عنهم- يوم بدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استشارهم في قتال النفير الذين جاءوا لمنع العير الذي كان مع أبي سفيان. فلما فات اقتناص العير، واقترب منهم النفير، وهم في جمع ما بين التسعمائة إلى الألف في العدة والبيض