عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أولى الناس بابن مريم ليس بيني وبينه نبيّ»
. وهذا فيه ردّ على من زعم أنه بعث عيسى نبيّ يقال له خالد بن سنان. كما حكاه القضاعيّ وغيره. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : استدل به- يعني بحديث أبي هريرة- على أنه لم يبعث بعد عيسى أحد إلا نبيّنا صلى الله عليه وسلم. وفيه نظر لأنه ورد أن الرسل الثلاثة الذين أرسلوا إلى أصحاب القرية- المذكورة قصتهم في سورة «يس» - كانوا من أتباع عيسى. وأن جرجيس وخالد بن سنان كانا نبيّين، وكانا بعد عيسى.
والجواب: أن هذا الحديث يضعف ما ورد من ذلك. فإنه صحيح بلا تردد. وفي غيره مقال. أو المراد: إنه لم يبعث بعد عيسى نبيّ بشريعة مستقلة. وإنما بعث بعده، من بعث، بتقرير شريعة عيسى. وقصة خالد بن سنان أخرجها الحاكم في (المستدرك) من حديث ابن عباس، ولها طرق جمعتها في ترجمته في كتابي في (الصحابة) .
انتهى.
وقد ذكرت في كتابي (إيضاح الفطرة في أهل الفترة) في الباب الحادي عشر من كان في الفترة من الأنبياء على ما روي. فارجع إليه.
قال ابن كثير: والمقصود من هذه الآية، أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتغيّر الأديان، وكثرة عبّاد الأوثان والنيران والصلبان.
فكانت النعمة به أتمّ النعم، والحاجة إليه أمر عام، فإن الفساد كان قد عمّ جميع البلاد، والطغيان والجهل قد ظهر في سائر العباد. إلّا قليلا من المتمسكين ببقايا من دين الأنبياء الأقدمين. كما
روى أحمد (?) عن عياض المجاشعيّ- رضي الله عنه-