لا يؤثر فيه المطهر. وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ لأنه نجس في حياته بصفاته الذميمة وهي، وإن زالت بالموت، فهو منجّس ولم يقبل التطهير. لأنه لما كان نجسا حال الحياة والموت، أشبه النجس بالذات، فكأنه زيد تنجيسه بالموت. وإنما ذكر اللحم إشارة إلى أنه، وإن لم يكن موصوفا في الحياة بالصفات المنجسة لروحه، كان متنجسا بنجاسة روحه، ثم بزوال الروح. انتهى.

قال ابن كثير: وقوله تعالى: وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ يعني إنسيّه ووحشيه، واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم، كما هو المفهوم من لغة العرب ومن العرف المطّرد.

وفي صحيح مسلم عن بريدة بن الخصيب الأسلمي رضي الله عنه قال (?) : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه»

، فإذا كان هذا التنفير لمجرد اللمس، فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به؟ وفيه دلالة على شمول اللحم لجميع الأجزاء من الشحم وغيره.

وفي الصحيحين (?) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام: فقيل: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام»

وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ أي:

نودي عليه بغير اسم الله، كما في (الصحاح) وأصل الإهلال رفع الصوت، وكان العرب في الجاهلية، يذكرون أسماء أصنامهم عند الذبح، فحرم الله ذلك بهذه الآية.

وبقوله: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: 121] .

قال ابن كثير في الآية: أي ما ذبح فذكر عليه اسم غير الله، فهو حرام. لأن الله تعالى أوجب أن تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم. فمن عدل بها عن ذلك، وذكر عليها اسم غيره من صنم أو طاغوت أو وثن أو غير ذلك من سائر المخلوقات، فإنها حرام بالإجماع. وإنما اختلف العلماء في متروك التسمية، إما عمدا أو نسيانا، كما سيأتي تقريره في سورة الأنعام، إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015