ذلك، بدفع ما هو أقل منه إليه أو إلى غيره بعد الاجتهاد التام في الدفع- فهو محسن، وما على المحسنين من سبيل. وكذلك، وكيل المالك من المتأديين والكتّاب وغيرهم، الذي يتوكل لهم في العقد والقبض ودفع ما يطلب منهم، لا يتوكل للظالمين في الأخذ. وكذلك لو وضعت مظلمة على أهل قرية أو درب أو سوق أو مدينة، فتوسط رجل محسن في الدفع عنهم بغاية الإمكان، وقسّطها بينهم على قدر طاقتهم، من غير محاباة لنفسه ولا لغيره، ولا ارتشاء، بل توكل لهم في الدفع عنهم والإعطاء- كان محسنا. لكن الغالب أن من يدخل في ذلك يكون وكيل الظالمين محابيا مرتشيا مخفرا لمن يريد، وآخذا ممن يريد وهذا من أكبر الظلمة الذين يحشرون في توابيت من نار هم وأعوانهم وأشباههم، ثم يقذفون في النار، انتهى.

وَاتَّقُوا اللَّهَ أي: اخشوه فيما أمركم ونهاكم إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. يعني لمن خالف أمره. ففيه وعيد وتهديد عظيم. ثم بين تعالى المحرمات التي أشير إليها بقوله تعالى: إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فقال:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (5) : آية 3]

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وهي ما فارقه الروح بغير سبب خارجيّ. لأنها تنجست بمفارقته من غير مطهر، من ذكر اسم الله تحقيقا أو تقديرا، كإسلام الذابح. كذا في (التبصير) . وقد خص من (الميتة) السمك بالسّنة: فإنه حلال.

مات بتذكية أو غيرها. لما

رواه مالك في موطئه، والشافعي وأحمد في مسنديهما، وأبو داود والترمذيّ والنّسائيّ وابن ماجة في سننهم، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، عن أبي هريرة «1»

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر؟ فقال: هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015