يتزايد في هذه الأحوال الشريفة إلى أن يصير بحيث لا يرى إلا الله، ولا يسمع إلا الله، ولا يتحرك إلا بالله، ولا يسكن إلا بالله، ولا يمشي إلا بالله فكأن نور جلال الله قد سرى في جميع قواه الجسمانية. وتخلل فيها وغاص في جواهرها. وتوغل في ماهياتها. فمثل هذا الإنسان هو الموصوف، حقا، بأنه خليل. لما أنه تخللت محبة الله في جميع قواه. وإليه الإشارة

بقول (?) النبيّ صلى الله عليه وسلم، في دعائه: اللهم! اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا وفي عصبي نورا

. انتهى.

قال الإمام العلامة شمس الدين بن القيّم في كتابه (الجواب الكافي) : الخلة تتضمن كمال المحبة ونهايتها. بحيث لا يبقى في القلب سعة لغير محبوبه. وهي منصب لا يقبل المشاركة بوجه ما. وهذا المنصب خاصة للخليلين صلوات الله وسلامه عليهما: إبراهيم ومحمد. كما

قال صلى الله عليه وسلم: إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا.

وفي الصحيح (?) عنه صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. ولكن صاحبكم خليل الله.

وفي حديث (?) آخر: إني أبرأ إلى كل خليل من خلته.

ولما سأل إبراهيم عليه السلام الولد، فأعطيه، فتعلق حبه بقلبه، فأخذ منه شعبة، غار الحبيب على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره. فأمر بذبحه. وكان الأمر في المنام ليكون تنفيذ المأمور به أعظم ابتلاء وامتحانا. ولم يكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015