ورويّة وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً نهي عما هو نتيجة لترك المأمور به، وتعيين لمادة مهمة من المواد التي يجب فيها التبيين. أي: لا تقولوا (لمن أظهر الانقياد لدعوتكم فقال: لا إله إلا الله، أو سلّم عليكم فحياكم بتحية الإسلام) : لست مؤمنا في الباطن. وإنما قلته باللسان لطلب الأمان. بل اقبلوا منه ما أظهره وعاملوه بموجبه تَبْتَغُونَ أي: تطلبون بقتله عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي: ماله الذي هو سريع النفاد. والجملة حال من فاعل (لا تقولوا) منبئة عما يحملهم على العجلة وترك التأنّي. وقوله تعالى فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ تعليل للنهي عن ابتغاء ماله بما فيه من الوعد الضمنيّ. كأنه قيل: لا تبتغوا ماله، فعند الله مغانم كثيرة يغنمكموها، فيغنيكم عن ارتكاب ما ارتكبتموه. أفاده أبو السعود. ثم قال: وقوله تعالى كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. تعليل للنهي عن القول المذكور. أي:

مثل ذلك الذي ألقى إليكم السلام، كنتم أنتم أيضا. في مبادئ إسلامكم. لا يظهر منكم للناس غير ما ظهر منه لكم، من تحية الإسلام ونحوها. فمنّ الله عليكم، بأن قبل منكم تلك المرتبة، وعصم بها دماءكم وأموالكم، ولم يأمر بالتفحص عن سرائركم. والفاء في قوله تعالى فَتَبَيَّنُوا فصيحة. أي: إذا كان الأمر كذلك، فاطلبوا بيان هذا الأمر البيّن وقيسوا حاله بحالكم. وافعلوا به ما فعل بكم. في أوائل أموركم. من قبول ظاهر الحال، من غير وقوف على تواطؤ الظاهر والباطن إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً فلا تتهافتوا في القتل وكونوا محترزين محتاطين في ذلك.

قال ابن كثير (في سبب نزولها) : أخرج الإمام أحمد عن عكرمة عن ابن عباس قال: مرّ رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يرعى غنما له. فسلم عليهم.

فقالوا: ما يسلم علينا إلا ليتعوذ منا. فعمدوا إليه فقتلوه. وأتوا بغنمه النبيّ صلى الله عليه وسلم.

فنزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... إلى آخرها. ورواه الترمذيّ (?) ثم قال: هذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن أسامة بن زيد.

ورواه الحاكم وصححه. وروى البخاريّ (?) عن عطاء عن ابن عباس في هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015