بالإسعاف هان عليها امتثال الأمر وائتلافها على امتثال الطبع. ثم تدربت بذلك على إسعاف ذي الرحم مطلقا حضر أو غاب. فمراعاة هذا وأمثاله من الفوائد لا يكاد يلقى إلا في الكتاب العزيز. ولا يعثر عليه إلا الحاذق الفطن المؤيد بالتوفيق. نسأل الله أن يسلك بنا في هذا النمط. فخذ هذا القانون عمدة. وهو: أن النهي، إن خص الأدنى فلفائدة التنبيه على الأعلى. وإن خص الأعلى، فلفائدة التدريب على الانكفاف عن القبح مطلقا من الانكفاف عن الأقبح. ومثل هذا، النظر في جانب الأمر. والله الموفق. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (4) : آية 3]

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (3)

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا أي أن لا تعدلوا فِي الْيَتامى أي يتامى النساء. قال الزمخشريّ: ويقال للإناث اليتامى كما يقال للذكور، وهو جمع يتيمة، على القلب.

كما قيل أيامى والأصل أيائم ويتائم فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ أي من طبن لنفوسكم من جهة الجمال والحسن أو العقل أو الصلاح منهن مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ومعنى الآية: وإن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا فيهن إذا نكحتموهن، بإساءة العشرة أو بنقص الصداق، فانكحوا غيرهن من الغريبات فإنهن كثير ولم يضيق الله عليكم. فالآية للتحذير من التورط في الجور والأمر بالاحتياط. وإنّ في غيرهن متسعا إلى الأربع. وروى البخاري «1» عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق (أي نخلة) وكان يمسكها عليه ولم يكن لها من نفسه شيء. فنزلت فيه: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى. أحسبه قال: كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله. ورواه مسلم وأبو داود والنسائيّ. وفي رواية لهم عن عائشة «2» هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015