* قالَ الله عزَّ وجلَّ: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [سبأ: 9].
* * *
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{أَفَلَمْ يَرَوْا} يَنْظُرُوا {إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} وَمَا فَوْقَهُمْ وَمَا تَحْتَهُمْ {مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ}] إلخ؛ الاستِفْهام هنا للتهديد يَعنِي أنَّ الله تعالى هدَّد هؤلاء الذين كذَّبوا النبيَّ عَلَيْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في قوله: إنهم سيُعادُون. هدَّدهم بأَحَد أمرين: بالخَسْف أو إِسْقاط الكِسَف، أيِ: القِطَع من العَذاب من فوقهم، وإنما ذكَر الفَوْقَ والتَّحتَ؛ لأنه لا يُمكِن الفِرار منهما، أمَّا اليمين والشِّمال والخَلْف والأَمام فيُمكِن الفِرار؛ فلو جاءَك عَدُوٌّ من الخَلْف أَمكَنَك أن تَفِرَّ إلى الأَمام، ولو جاءَك من الأَمام أَمكَنَك أن تَفِرَّ إلى الخَلْف، لكن إذا جاء من أَسفَلَ إلى أين تَذهَب؟ ! تَقفِز ما تَستَطيع، وإذا جاءَك من فَوقُ أين تَذهَب؟ ! لا تَستَطيع؛ لهذا هدَّدَهم الله تعالى بأَمْرين لا يُمكِنُهم الفِرارُ منهما.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: {يَرَوْا} فسَّرَها بمَعنَى: [يَنْظروا]، والأَوْلى أن تَكون شامِلةً للرُّؤْية البَصَريَّة التي بمَعنَى النَّظَرِ، والرُّؤية القَلْبية التي بمَعنى العِلْم والتَّفكُّر،