إِذَنْ: حِيل بينهم وبين ما يَشتَهون، ولذا قال - سبحانه وتعالى -: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} فالذي حال بينهم وما بين ما يَشتَهون هو تَأخُر الإيمان والتَّوْبة، ولو أن ذلك حصَل في الدُّنيا قبل أن يُعايِنوا العذاب لكان مُمكِنًا.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ} بِأَشْبَاهِهِم فِي الْكُفْرِ {مِنْ قَبْلُ} أي: قَبْلِهم].
وقوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} كما حيل بين أَشباهِهم في الكُفْر {مِنْ قَبْلُ} أي: من قَبْلِ هؤلاء، مثل قَوْم نُوحٍ - عليه السلام -، وعادٍ، وصالِحٍ - عليه السلام -، وغيرهم، وهذا يُؤيد ما ذكَرَه بعض المُفسِّرين -رحمه الله - بأنَّ قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} يَعنِي: عند الموت؛ لأَنَّه قال: {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ}، وهذا فِعْلٌ ماضٍ يَدُلُّ على أن هذا أَمْر قد مضَى على مَن سبَق، ولو كان يوم القِيامة لم يَكُن قد مضى من قَبْلُ.
أمَّا على رَأْي المُفسِّر ومَن تابَعه من المُفسِّرين -رحمهم الله -: بأن الفزَع هذا هو فزَع يوم القيامة، وَيدُل عليه الآية التي استَشْهدنا بها من قبلُ، فتقول: "كما فُعِل" أي: كما قُدِّر أن يُفعَل بأشياعِهم من قَبلُ.
وقوله - سبحانه وتعالى -: {مِنْ قَبْلُ} إعرابُها: ظرفٌ مَبنيٌّ على الضمِّ في محَلِّ جَرٍّ، ويَقولون: مِن قبلُ، ومن بَعدُ، وما أَشبَههما لها أربعُ حالاتٍ:
1 - إمَّا أن تكون مُضافةً.
2 - مَقطوعةً عن الإضافة لَفْظًا ومَعنًى.
3 - مَقطوعة عن الإضافة لَفْظًا تقديرًا لا مَعنًى.