إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)} [الزخرف: 39].
وقوله - سبحانه وتعالى -: {فَزِعُوا} فِعل ماضٍ مُقتَرِن بواو الجماعةِ، وعَبَّر - سبحانه وتعالى - بالماضِي عن المُستَقبَل، ومن التَّعبير بالماضِي عن المُستَقبَل قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)} [النحل: 1]، وهذه صريحة؛ لأنه لو كان قد وقَعَ ما قال فلا تَستعجِلوه.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا} عِنْدَ الْبعثِ لَرَأيْتَ أَمْرًا عَظِيمًا].
قوله - عز وجل -: {فَلَا} هذِه (لا) نافِيهٌ لا للجِنْس و {فَوْتَ} اسمُها، وخبَرُها محَذوف، وقد قال ابنُ مالكٍ - عز وجل - في ألفيته (?):
وَشَاعَ فِي ذَا الْبَابِ إِسْقَاطُ الخَبَرْ ... إِذَا المُرَادُ معْ سُقُوطِهِ ظَهرْ
وشاع في ذا البابِ إِسْقاط الخبَرِ يَعنِي: كثُرَ إذا المُراد مع سُقوطه ظهر.
وقوله تعالى: {فَلَا فَوْتَ} أي: فلا فَوْتَ لهم، وهذا يَعنِي أن حَذْف الخبَر في مِثْل هذا التركيبِ أبلَغ.
قوله تعالى: {فَلَا فَوْتَ} يَعنِي: ما في أبدًا فواتٌ، لو قُلْت: فلا فوتَ لهم. لكان أرَقَّ، أمَّا: {فَلَا فَوْتَ} فهي أشَدُّ وَقعًا.
وقول المُفَسّر -رحمه الله -: {فَلَا فَوْتَ} لَهم مِنَّا، أَيْ: لَا يَفُوتُونَنَا] {وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}: {وَأُخِذُوا} مَعطوفة على {فَزِعُوا} يَعنِي: أنهم يَفزَعون ويُؤخَذون من مكان قريب، يُؤخَذون بالعَذاب من مكان قريب، قال المُفَسر - عز وجل -: هي [القُبُور] وهذا احتِمالٌ بلا شَك أنها القُبور؛ لأنهم يَخرُجون من حين ما يَخرُجون يَجِدون