* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} [سبأ: 45].
* * *
قوله عَزَّ وجَلَّ: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا} أي: هَؤلاءِ {مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ} أي: عُشرَهُ من القُوَّة، وطول العُمر، وكَثْرة المال، وهذا فيه تَسلِيَة للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وفيه تَهديد للمُكذِّبين، ففيه مَعنَيان: التسليةُ والتَّهديدُ.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} مثل عادٍ وثَمودَ وفِرعونَ وأَصحابِ الأَيْكةِ وكثير، وهَؤلاءِ المُكذِّبون السابِقون أشَدُّ قوَّةً من هؤلاء وأكثَرُ أموالًا وأولادًا، قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا} [التوبة: 69]، فالآياتُ في هذا تَدُلُّ على أنَّ الذين كذَّبوا الرُّسُل السابِقين كانوا أَعظَمَ من الذين كذَّبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوَّة الأَجْسام، وكَثْرة الأموال، وكَثْرة البَنين.
وهل أَغنَى ذلك عنهم شيئًا؟ لا لم يُغنِ عنهم شيئًا؛ ولهذا قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَكَذَّبُوا رُسُلِي} [إِلَيْهِمْ {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} إِنْكَارِي عَلَيْهِمْ بِالْعُقُوبَةِ وَالْإِهْلَاكِ]، يَعنِي: أن هَؤلاءِ السَّابِقين كذَّبوا رُسُل الله تعالى فماذا حصَل؟
الجوابُ: حصَل عليهم إنكار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالتَّعذيب والإِهْلاك، لم يُقِرَّهم