"مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَقُولُ: اللهمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. إِلَّا آجَرَهُ الله فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا" هنا مِن الرُّباعيِّ فهو يُخلِفه، أي: يُعطِي ما يَكون خَلفًا عنه.
وقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ} الإِنْفاق مَعناهُ: بَذْل المال، والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ قيَّده بقَوْله: [وَمَا بَقِيَ فِي الْخَيْرِ] وهذا القَيْدُ الذي قيَّدَه به المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ دلَّتْ عليه آياتٌ مُتَعدِّدة كما قال تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197]، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].
والآياتُ في هذا كثيرة؛ لأنَّ مَن أَنفَقَ في غير الخَيْر فالخَلف غيرُ مَضمون له، لكن مَنْ أَنفَق في الخَيْر فالخَلف مَضمون له، وَيشمَل هذا النَّفَقاتِ الواجِبةَ، كإنفاق الإنسان على زَوْجته وأُمِّه وأبيه وابنه وبِنْته وما أَشبَهَ ذلك، وَيشمَل أيضًا الإِنْفاق في الزكاة؛ لأنها هي أُمُّ الإِنْفاقات؛ لأنَّ الإِنْفاق في الزكاة أحَدُ أركان الإسلام، وَيشمَل الإنفاق في الجِهاد في سبيل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيشمَل الإِنْفاق في نُزول الخَيْر كالإحسان إلى الناس وغير ذلك.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} هل الإِخْلاف في الكمِّية أو في الكَيْفية؟ بمَعنى: هل الله عَزَّ وَجَلَّ يُعطيك بدَلًا عنه بالكمِّية إذا أَنفَقْت عشَرة أَعطاك عشَرة، أو بالكَيْفية بمَعنى: أن الباقِيَ يُنزِل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى به البَرَكة حتى يَكون مُقابِلًا لما أَنفَقْت مَضمومًا إليه؟
الظاهِر أنه يَشمَل الأَمْرين؛ أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُخلِفه، يُعطيك خَلفًا عنه بالكمِّية، فإذا أَنفَقْت عشَرة فتَحَ الله تعالى لك باب الرِّزْق وأَعطاك عشَرة، أو أنه يَكون خَلفًا في الكَيْفية فإن أَنفَقْت عشَرة من مِئة وبَقِي تِسعون فإن هذه التِّسعِين تَقوم مَقام مِئة