لَوْ أَغْنَيْتُهُ لَأَفْسَدَهُ الْغِنَى، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ الْفَقْرُ" (?)، فالغَنيُّ ربَّما يَطغَى بغِناه وَيستَكثِر، والفقير ربما يَقنَط من رحمة الله وَيستَحسِر ويَستَبعِد الفَرَج، فيَكون الأوَّلُ فاسِدًا بطُغيانه، والثاني فاسِدًا بيَأْسه وقُنوطه.
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} الرِّزْق بمَعنى: العَطاء.
وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [كُفَّار مَكَّةَ]، وهذا كما سبَق من قُصوره في التَّفسير، والواجِب أن نَقول: إن المُراد بـ {النَّاسِ} جميعُ الناس؛ أهلُ مكَّةَ وغيرُهم.
وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، لا يَعلَمون أن الأَمْر بيَدِ الله تعالى من حيثُ تَوسيع الرِّزْق وتَضييقه.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَكْثَرَ النَّاسِ} ولم يَقُل: كل الناس؛ لأن المُؤمِنين يَعلَمون ما لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من الحِكَم في بَسْط الرِّزْق وتَقْديره.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: إِثْبات المَشيئة لله تعالى، لقوله تعالى: {لِمَنْ يَشَاءُ}.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات الأَفْعال الاختِيارية؛ لقوله تعالى: {يَبْسُطُ} و {وَيَقْدِرُ}.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ كَثْرة المال والولَد لا يَدُلُّ على الرِّضا، وإنما هو تابع لمَشيئة الله تعالى.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الحِكْمة العَظيمة البالِغة في اختِلاف الناس في سَعة الرِّزْق