من المَصالِح مَوْجودٌ فيه وهو مَقروء؛ لأنَّ الناس يَقرَؤُونه وَيتْلونه، وهو جَمْع أيضًا؛ لأنه جامِع لكل شيء والفُعْلان بمَعنَى المَصدَر وارِد ومَوْجود في اللُّغة العربية، مثل: الشُّكْران والكُفْران والنُّكْران، وما أَشبَه ذلك.

والمُراد بالقُرآن هنا الكِتاب الذي أَنزَله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على محُمَّد - صلى الله عليه وسلم - وهو اسمٌ خاصٌّ به بهذا القُرآن.

وقوله تعالى: {وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} يَعنِي: ولا نُؤمِن بالذي [تَقَدَّمَهُ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ الدَّالَّيْنِ عَلَى الْبَعْثِ بِإِنْكَارِهِمْ لَهُ] يَعنِي ولا نُؤمِن أيضًا بالذي بين يَدَيْه، والمُراد على رَأْيِ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ بما بَيْن يَدَيْه: ما سبَقَه، وليس ما يَأتِي بعدَه، ويُحتَمَل أن المُراد بقَوْله: ولا بالَّذي بين يَدَيْه، أي: ما يَأتي ممَّا أَخبَر به، فإنَّ ما بين يدَيِ الشيء مُستَقِرٌّ كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [طه: 110]، والمَعنَيان صَحيحان، وإذا كانت الآيةُ تَحتَمِل مَعنيَيْن صَحيحين لا يَتَنافَيان وجَبَ حَمْلُها على الجميع؛ لأنَّ القُرآن شامِل وواسِع، فقوله تعالى: {وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} أي: ولا بالَّذي يَأتِي بعده ممَّا أَخبَر به أو (ولا بِالَّذي بين يَدَيْه) ما تُقدِّمه من الكُتُب كالتَّوْراة والإنجيل.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [يا مُحَمَّدُ {إِذِ الظَّالِمُونَ} الْكَافِرُونَ {مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ}] {وَلَوْ تَرَى} أي: {وَلَوْ} شَرْطية، وفِعْل شَرْطها {تَرَى}، وهي غَيرُ جازِمة وجوابُها مَحذوف؛ أي: لرَأَيْتَ أَمْرًا فظيعًا، وجوابُ الشَّرْط في مِثْل هذا التَّركيبِ أَعظَمُ من ذِكْره؛ لأن النَّفْس تَذهَب في تَقديره كل مَذهَب من الفَظاعة والبَشاعة.

و(لو) تَأتي باللُّغة العَرَبية على عِدَّة مَعانٍ؛ تَأتي بـ (ما) الشَّرْطية كما هنا، وتَأْتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015