فالجوابُ: أنَّه -عَزَّ وَجَلَّ- لم يَقُلْ: (ولا تَنفَع الشَّفاعة) فدَلَّ على إثباتها، لكن لا تَنفَع إلَّا بإِذْنه.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: عَظَمة الله تعالى وقُوَّة سُلْطانه، تُؤخَذ من قوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} أن الشفاعة لا تكون إلَّا بإذْنه، خِلاف المَخلوقين مهما عَظُم مُلْكهم فإنَّه يَدخُل الشافِع على المَلِك والسُّلْطان وَيشفَع بهم، فكُلَّما عظُم السُّلْطان ازدادَتِ الهَيْبة، وصار لا يَتكَلَّم أحَدٌ إلَّا بإِذْن الله تعالى، كما قال تعالى في سورة: (عَمَّ يَتَساءَلونَ): {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38].
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: قَطْع كُلِّ سبَب يَتعَلَّق به المُشرِكون في آلِهَتهم؛ لأَنَّه قال تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ} فهذا آخِرُ سبَب يُمكِن أن يَتعَلَّق به المُشرِكون، ومع ذلك نَفاه الله تعالى.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بَيان كرَمِ الله على كُلٍّ من الشافِع والمَشفوع له؛ تؤخذ من قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَتكلَّم بكَلامٍ مَسموع؛ لقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} بناءً على القَول الراجِح في معنَى الآية؛ لأنَّه لولا أن المَلائِكة يَسمَعون كَلامه تعالى لم يُصعَقوا.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن كلام الله ليس ككلام المَخلوقين، بل هُو أَعظَمُ؛ لأنَّ السامِع له يُصعَق إلَّا أنَّ يُثبِّته الله؛ لقوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ}.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ قول الله كُلُّه حَقٌّ؛ لقوله تعالى: {قَالُوا الْحَقَّ}.