لحِقه، وكذلك الخوف والفزَع فأذِن الله تعالى له بالشَّفاعة زال الفزَع عن القُلوب؛ لأنَّه قرُب الفَرَج قال تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} بالإِذْن فيها.

وقول المُفَسر -رَحِمَهُ اللهُ-: [{قَالُوْا} قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ اسْتِبْشَارًا: {مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ} فِيهَا أَيْ: فِي الشَّفَاعَةِ {قَالُوْا} الْقَوْلَ: {الْحَقَّ}، أَيْ: قَدْ أَذِنَ فِيهَا {وَهُوَ الْعَلِيُّ} فَوْقَ خَلْقِهِ بِالْقَهْرِ {الْكَبِيرُ} الْعَظِيمُ] أَفادَنا المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- أنَّ الضمير في {قُلُوبِهِم} يَعود على المَشفوع له، فإن المَشفوع له قبلَ الشفاعة يَلحَقه الفزَعُ والخوفُ من ذُنوبه، أو من غير ذلك، فإذا أُذِنَ في الشَّفاعة زال الفزَع، وقالوا: ماذا قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعالى، فيقول بعضهم لبَعضٍ: {قَالُوا الْحَقَّ} أي: قالوا القولَ الحقَّ؛ بمَعنى: الثابِت المُوافِق لمَحله، وقد سبَقَ لنا أنَّ الحقَّ في الأخبار هو الصدْق، والحقُّ في الأحكام هو العَدْل، كما قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115].

وهذا ما ذهَب إليه المُفَسر -رَحِمَهُ اللهُ- على أنَّ الضمير في {قُلُوبِهِم} يَعود إلى المَشفوع لهم، وأن التَّفزيع بمَعنَى إزالة الفَزَع، وهو الخوْف بالإِذْن في الشَفاعة، والسِّياق لا يَأباه، ولكن قد ثبَت في الحديث الصَّحيح عن النَّبيُّ عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ أنَّ المُراد به غير ذلك، وأن المُراد به الملائِكة الذين هم عند الله تعالى، إذا تكلَّم الله تعالى بالوَحْيِ صُعِقُوا، فإذا صُعِقُوا {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} يَعنِي: أُزيل الفزَع عنها، ثُمَّ صاروا يَتساءَلون: ماذا قال الله تعالى؟ فيقال: {قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.

وإذا جاءَتِ السنَّة بتَفسير القرآن كانت أَوْلى، على أننا سبَق أن قُلْنا: إنَّ القُرآن إذا دل على عِدَّة مَعانٍ لا تَتَناقَض حُمِل على جميع المعاني؛ لأنَّه أَوْسَعُ وأَعظَمُ ممَّا يَصِل إليه فِكْر الإنسان، فقد يَصِل فِكْري إلى شيء وَيصِل فِكْر الآخَر إلى شيء آخَرَ، وفِكْر الثالث إلى شيءٍ ثالِث، والآية كلُّها تَحتَمِل هذه المعانيَ، فتُحمَل عليها، أمَّا إذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015