لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر: 75]، فإن الله تعالى يُحْمَد على كَمال عَدْله وكَمال فَضْله، ومجُازاته لأهل النار من بابِ العَدْل فيُحمَد عليه.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: ؟ [{وَهُوَ الْحَكِيمُ} فِي فِعْلِهِ]، وهذا فيه قُصور، لأنَّه حَكيمٌ في شَرْعه وفِعْله أيضًا؛ الذي هو القَدَر، فليسَتِ الحِكْمة خاصَّةً بالفِعْل، بل حتى في الشَّرْع الذي يَكون بكلامه فإن الشَّرْع هو الوحيُ وهو كلامُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وليس فِعْلًا له، بل هو كلامه، وكذلك فِعْله وهو حَكيم فيه، والحِكْمة مَأخوذة من الإِحْكام وهو الإِتْقان، ولهذا يُقال في تَفسيرها: إنَّها وَضْع الشيءِ مَوضِعَه، وهذا هو الإِتْقان، ولكِنْ {الْحَكِيمُ} له مَعْنيان: الحاكمِ والمُحكِم؛ لأنَّها مَأخوذةٌ مِنَ الحُكْم ومن الإِحْكام، وأنَّ حُكْم الله تعالى نَوْعان: حُكْم شَرْعيّ وحُكْم كَوْنيٌّ، وأنَّ الحِكْمة نوعان أيضًا: صُورية وغائِيَّة.
فالصُّورية: بمَعنى أن كون هذا الشيءِ على هذا الصُّور المُعيَّنة مُوافِق للحِكْمة.
والغائِيَّة: بأن الغاية من هذا الشيءِ حِكْمةٌ يُحمَد الله تعالى عليها.
فمَثَلاً كونُ الصلاة على هذا الوجهِ والصيامِ على هذا الوجهِ والوضوءِ على هذا الوجهِ، هذه في الأُمور الشَّرْعية، وكذلك في الأُمور الكَوْنيَّة؛ كون خِلْقة الإنسان على هذا الوجهِ والشمسِ والقمَرِ وما أَشبَه ذلك؛ هذه حِكْمة صُورَّية، بمَعنَى: كونُ الشَّيْءِ على هذه الصورةِ المُعيَّنة هذا لا شَكَّ أنه مُوافِقٌ للحِكْمة، ثُمَّ الغاية من ذلك الشيءِ حِكْمةٌ أُخرى.
وتكون هذه الحِكْمةُ الصُّوريةُ والغائِيَّة في الشَّرْع وفي القَدَر، وإذا ضَرَبت اثنَيْنِ في اثنَيْنِ تَكون أربعةً:
1 - حِكْمة غائِيَّة في الشَّرْع.
2 - حِكْمة صُورية في الشَّرْع.