الكريمة أن كتاب الفجار في سجين، والسجين قال العلماء: إنه مأخوذ من السجن وهو الضيق، أي في مكان ضيق، وهذا المكان الضيق هو نار جهنم ـ والعياذ بالله ـ كما قال الله تبارك وتعالى: {وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً. لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً} [الفرقان 13، 14] . وجاء في حديث البراء بن عازب الطويل المشهور في قصة المحتضر وما يكون بعد الموت أن الله سبحانه وتعالى يقول: «اكتبوا كتاب عبدي يعني ـ الكافر ـ في السجين في الأرض السابعة السفلى» (?)

فسجين هو أسفل ما يكون من الأرض الذي هو مقر النار نعوذ بالله منها فهذا الكتاب في سجين ثم عظم الله عز وجل هذا السجين بقوله: {وما أدراك ما سجين} فالاستفهام هنا للتعظيم أي ما الذي أعلمك بسجين؟ وهل بحثت عنه؟ وهل سألت عنه حتى يبين لك، والتعظيم قد يكون لعظمة الشيء رفعة، وعلواً كما قال تعالى:) كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) (المطففين: 18) وقد يكون لعظمة الشيء نزولاً، وهذا التعظيم في سجين ليس لرفعته وعلوه ولكنه لسفوله ونزوله، ثم قال تعالى: {كتاب مرقوم} كتاب هذه لا تعود على سجين وإنما تعود على كتاب في قوله: {كلا إن كتاب الفجار} فما هذا الكتاب فقال: {كتاب مرقوم} يعني مكتوب لا يزاد فيه ولا ينقص ولا يبدل ولا يغيّر، بل هذا مآلهم ومقرهم ـ والعياذ بالله ـ أبد الابدين {ويل يومئذ للمكذبين} ويل سبق الكلام عليها في أول هذه السورة {الذين يكذبون بيوم الدين} أي يكذبون بيوم الجزاء، وهو يوم القيامة؛ هؤلاء الذين يكذبون بيوم الدين توعدهم الله بالويل؛ لأن هؤلاء المكذبين بيوم الدين لا يمكن أن يستقيموا على شريعة الله. لا يستقيم على شريعة الله إلا من آمن بيوم الدين؛ لأن من لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015