الوصول إلى ما وصل إليه. فإذا كان يوم القيامة، وعظم الكرب والغم على الخلق، وضاقت عليهم الأمور طلب بعضهم من بعض أن يلتمسوا من يشفع لهم إلى الله عز وجل فيأتون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، هؤلاء خمسة أولهم أبو البشر، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وهؤلاء الأربعة عليهم الصلاة والسلام من أولي العزم، كلهم يعتذرون عن الشفاعة للخلق حتى تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فيقوم ويشفع (?) ، ولا شك أن هذا عطاء عظيم لم ينله أحد من الخلق، ثم بين الله سبحانه وتعالى نعمه عليه السابقة حتى يستدل بها على النعم اللاحقة. فقال: {ألم يجدك يتيماً فآوى} والاستفهام هنا للتقرير، يعني قد وجدك الله تعالى يتيماً فأواك، يتيماً من الأب، ويتيماً من الأم، فإن أباه توفي قبل أن يولد، وأمه توفيت قبل أن تتم إرضاعه، ولكن الله تعالى تكفل به ويسر له من يقوم بتربيته والدفاع عنه، حتى وصل إلى الغاية التي أرادها الله عز وجل. وقوله: {يتيماً فآوى} وجاء التعبير ـ والله أعلم ـ بـ {فآوى} لسبب لفظي، وسبب معنوي.
أما السبب اللفظي: فلأجل أن تتوافق رؤوس الآيات من أول السورة، وأما السبب المعنوي: فإنه لو كان التعبير (فآواك) اختص الإيواء به صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأمر أوسع من ذلك، فإن الله تعالى آواه، وآوى به، آوى به المؤمنين فنصرهم وأيدهم، ودفع عنهم بل دافع عنهم سبحانه وتعالى. {ووجدك ضالاً فهدى} {وجدك ضالاً} أي غير عالم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم شيئاً قبل أن ينزل عليه الوحي، كما قال تعالى: {وعلمك ما لم تكن تعلم} [النساء: 113] . وقال: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} [العنكبوت: 48] . فهو صلى الله عليه وسلّم