من كل درن ظاهر أو باطن، فصارت التزكية لها ثلاث متعلقات: الأول: في حق الله. والثاني: في حق الرسول. والثالث: في حق عامة الناس. في حق الله تعالى يتزكى من الشرك فيعبد الله تعالى مخلصاً له الدين. في حق الرسول يتزكى من الابتداع فيعبد الله على مقتضى شريعة النبي صلى الله عليه وسلّم في العقيدة، والقول، والعمل. في معاملة الناس يتزكى من الغل والحقد والعداوة والبغضاء، وكل ما يجلب العداوة والبغضاء بين المسلمين يتجنبه، ويفعل كل ما فيه المودة والمحبة ومن ذلك: إفشاء السلام الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم» (?) ،
فالسلام من أقوى الأسباب التي تجلب المحبة والمودة بين المسلمين وهذا الشيء مشاهد، لو مر بك رجل ولم يسلم عليك صار في نفسك شيء، وإذا لم تسلم عليه أنت صار في نفسه شيء، لكن لو سلمت عليه، أو سلم عليك صار هذا كالرباط بينكما يوجب المودة والمحبة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في السلام: «وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» (?) ، وأكثر الناس اليوم إذا سلم يسلم على من يعرف، وأما من لا يعرفه فلا يسلم عليه، وهذا غلط، لأنك إذا سلمت على من تعرف لم يكن السلام خالصاً لله، سلم على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين حتى تنال بذلك محبة المسلمين بعضهم لبعض، وتمام الإيمان، والنهاية دخول الجنة جعلنا الله من أهلها.